هزيمة رئيسي، وانسداد خامنئي
نشر موقع خامنئي وتابعته وسائل الإعلام الحكومية، يوم الثلاثاء، 21 حزيران / يونيو، نص تصريحات خامنئي الموجهة لعناصر النظام ممن وصفهم بالمجتمع العشائري، تحت اسم “المؤتمر الوطني للمجتمع العشائري”.
اللافت أن هذا الاجتماع عقد في 12 يونيو، وهذا يثير تساؤلات مختلفة، من بينها لماذا يتم بث هذا الخطاب مع تأخير 9 أيام؟ قد يكون التأمل في هذه العبارات قادرًا على الإجابة على هذا السؤال.
قال خامنئي في ذلك الاجتماع: ” يسعى العدو اليوم إلى إضعاف الإيمان الديني والأمل والتفاؤل بالمستقبل وإدارة البلاد. هذه هي الأشياء التي يخططون لها ويجري التخطيط لها. [مثلاً] ماذا يفعلون حتى تصير عقيدة الناس أنه ليس لديهم مستقبل، وأن المستقبل طريق مسدود، وأنهم في طريق مسدود؟ إنهم يخططون لهذا ..لكي يصل الناس إلى استنتاج مفاده أن الطرق مسدودة وغير صائبة، أو يصلون إلى نتيجة أنّ مسؤولي الدولة والإدارة في البلاد لا يعرفون كيف يديرونها..”
من خلال هذه الكلمات، يمكن رؤية عجز الولي الفقيه وارتباكه بوضوح. كما يتضح أنه يشير إلى شعارات تردد صداها باستمرار في شوارع المدن في جميع أنحاء البلاد في الأشهر والأسابيع الأخيرة، حيث هاجم الغاضبون رأس الحكومة أي إبراهيم رئيسي وحكومته المصنعة بأشد الكلمات مهاجمة. ويسخرون منه. شعارات مثل “الموت لرئيسي” و “يا كذاب يا حامل شهادة ابتدائية ” أو “الموت لهذه الحكومة الخادعة للشعب” و …
قبل تسعة أيام، كان من المناسب عدم نشر هذه الكلمات التي تعبر عن عجز الديكتاتور المطلق ويأسه، لكن سرعة التغيير وصرخات الطبقات الصاعدة جعلت من الضروري نشرها. من الواضح أنه بالرغم من أن سبب كلام خامنئي هو غضب الناس وحنقهم وشعاراتهم، إلا أن خطابه ليس موجها للشعب، وانما بواطن النظام وخاصة مستواه العالي الذين تأثروا بهذا السخط الشعبي العارم تجاه حكومة رئيسي في ظل الجو المتفجر للمجتمع، وبدأوا يهاجمون الحكومة. خامنئي بهذه الكلمات يحاول سد الثغرات داخل النظام وفي داخل مكتبه.
ولا يخلو عن الفائدة أن نلقي نظرة على تصريحات أعضاء البرلمان في الأيام القليلة الماضية بهذا الصدد:
“كرامة المتقاعدين أعلى من أن نجعلهم ينزلون إلى الشوارع بقرارات غير مدروسة لوزير غير غاشم” (موسوي لاركاني – 21 يونيو)
آخر يقول: “أسعار السلع ترتفع في السوق كل ساعة .. الحكومة لا تفكر في السيطرة وتركت السوق على ما هو عليه. الناس يتعرضون للسحق تحت ضغط الضغط الاقتصادي بسبب سوء إدارة الدعم” (صديف بدري – 19 يونيو).
ولم يقتصر رد البرلمان “المنتقى” الذي كان من المفترض أن يدعم حكومة رئيسي “المتشددة” على هذه الصيحات والتحذيرات، بل أدت هذه الضغوط إلى إقالة وزير العمل في حكومة رئيسي وهناك الحديث عن استيضاح أو استقالة وزير أخر في الحكومة (وزير الصمت اي وزير الصناعة والمناجم والتجارة). كما شكر عضو في البرلمان وزير العمل على استقالته وأعرب عن أمله في أن “يتحلّى الوزراء الآخرون غير القادرين والفاعلين … أيضا بالشجاعة للاستقالة”.
هذه الاعترافات اليومية والمتنامية بالفشل الفاضح لحكومة رئيسي، والتي تم بثها أيضًا على تلفزيون النظام (وفقًا لاعتراف خامنئي في نفس الخطاب)، تلقي الضوء على سبب إجباره على التدخل بنفسه ودفع الثمن ووضع مصداقيته و اعتبار سلطته من أجل الحفاظ على حكومة رئيسي المتخبطة لم ننس أن خامنئي قال في رسالته في بداية السنة الإيرانية أن الحلاوة الأولى والأكثر أهمية بالنسبة له عام 1400 كانت إخراج رئيسي من مهزلة الانتخابات كرئيس للنظام. لكن كلمات خامنئي تظهر كيف تم تسميم هذه الحلاوة بعد ثلاثة أشهر فقط.
خلال الأشهر العشرة التي عيّن فيها خامنئي جلاده رئيسا للبلاد، ظل يؤيده ويسانده هو وحكومته بشكل كامل. لأن كل هجوم على رئيسي يستهدف خامنئي قبل أن يوجه رئيسي، خاصة أنه أقصى جزءًا مهمًا من نظامه ورجالا مثل لاريجاني وذبحهم تحت أقدام رئيسي، والجميع يعلم أن رئيسي هو آخر رصاصة في جعبة خامنئي، وأن هزيمته لا تعني شيئاً سوى نهاية الخط للولي الفقيه. وهذا هو السبب في أن خامنئي ينفي بهذه الشدة انسداد النظام. لكن هذا النفي يظهر أكثر فأكثر ويثبت أن رئيسي هو في الحقيقة رمز لتغيير العصر ورمز لنهاية نظام ولاية الفقيه.