سر تقدم الانتفاضة في إيران
حقق المتمردون قفزة رائعة في تصعيد الانتفاضة الوطنية، في يومي الثلاثاء والأربعاء 15 و 16 نوفمبر 2022، إحياءً للذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر 2019، وأحيوا ذكرى أكثر من 1500 شهيد في نوفمبر 2019، مؤكدين على المضي قدمًا في طريقهم.
ففي اليوم الأول، اندلعت الانتفاضة في أكثر من 70 مدينة و 50 جامعة، فضلًا عن ذلك، فتح البازاريون والتجار والحرفيون في أكثر من 60 سوقًا، إلى جانب عمال مصهر الحديد في أصفهان؛ أفقًا جديدًا للانتفاضة. وفي اليوم الثاني، انضم المزيد من المدن والجامعات وفئات المجتمع إلى الانتفاضة، مما أدى إلى توسيع نطاقها. وباستمرار الإضراب بشكل أكثر وحدة؛ أظهر التجار والبازاريون في معظم المدن أن الشعب الإيراني برمته انتفض ضد ديكتاتورية ولاية الفقيه.
إلا أن ما هو أبعد من توسيع نطاق الانتفاضة؛ هو تألق نوعية نضال المنتفضين وهجومهم من أجل الحرية خلال هذين اليومين، وهو ما يمكن ملاحظة المثال عليه في تقرير إحدى عضوات وحدة المقاومة من بوكان. حيث ذكرت هذه الفتاة المناضلة من ساحة المعركة ما يلي:
انتبهوا! انتبهوا!
يا أهالي بوكان المتحمسون والأبطال! لقد استولى المواطنون الآن على وسط المدينة. أنا من وحدات المقاومة في مدينة بوكان. وأنا في وسط المدينة الآن. وأشهد الفرحة العارمة لأهالي بوكان وحماسهم الشديد. وأقول لقوات خامنئي الخائفة والمنهارة: “سلموا أسلحتكم لأهالي المدينة في أسرع وقت ممكن قبل فوات الأوان! إذ أن وحدات المقاومة ستواجهكم برد انتقامي خاطف على كل جريمة اقترفتموها وكل قمع مارستموه ضد أبناء الوطن.
تحية لتلفزيون الحرية للمقاومة الإيرانية “سيماي آزادي” – وحدات المقاومة من مدينة بوكان
يُظهر هذا التقرير عن حالة الخوف والانهيار الذي تعيشها قوات خامنئي، و “فرحة المواطنين العارمة وحماستهم” إلى جانب رسم مشهد للهجوم على أحد مراكز المدينة والاستيلاء عليه، علمًا بأن ذلك يحدث في ظل كثرة عدد القوات القمعية المدججة بالأسلحة الحربية، فضلًا عن أن وحشيتهم وقسوتهم في القتل وارتكاب الجرائم لأمر واضح للجميع؛ كيف أن بطش الثورة وروح المحارب يقلبان التوازن في الساحة ويفتحان الطريق للمنتفضين للتقدم.
هذا هو السر الذي تجلَّى خلال الانتفاضة وفي هذين اليومين، في بعض الأحياء ونقاط المواجهة بين قوى الانتفاضة وقوات العدو في مدن الوطن، بدءًا من طهران وكرج وشيراز وصولًا إلى سنندج وبوكان وكامياران، ومن رشت وصولًا الى بندر عباس وغيرها من المدن.
وسيطر المواطنون على الساحة أو الشارع والحي لفترة معينة؛ بوضع المتاريس في الشوارع وترديد بعض الهتافات المناهضة لنظام الملالي، من قبيل هتاف “سنقاتل وسنموت، وسوف نسترد إيران”. وأجبروا المرتزقة المسلحين على الفرار، على الرغم من أنهم كانوا يطلقون النار عليهم.
إن نشر مقطع فيديو لتصريحات قيادي في قوات حرس نظام الملالي وهو يوجِّه كلمة لمجموعة من مقاتلي الباسيج لشهادة واضحة واعتراف واضح بأن نضال قوى الانتفاضة وهجومهم وتصميمهم وشجاعتهم من شأنه أن ينقل الخوف والانهيار إلى قوات جيش العدو.
ويقول هذا الحرسي، المدعو بويان حسين بور، مساعد رئيس منظمة سراج التابعة لقوات حرس نظام الملالي إن: “هذا الجيل لا يعرف الخوف … إلخ، ويقاوم بكل شراسة. إذ أنه اشتبك معنا بالأمس في زقاقٍ لمدة ساعة ونصف. وكنّا نهجم عليهم فيما سبق وكانوا يغادرون الساحة، بيد أنهم لم يغادروا هذه المرة وصمدوا في القتال وقاومونا لمدة ساعة”.
واعترف هذا المرتزق صراحةً في ختام تصريحاته بدعم المواطنين المؤثر على أكمل وجه للمناضلين في الميدان، وأضاف: “نهرب الآن في بعض الأزقة، نتيجة لإمطارنا بالحجارة على رؤوسنا من أعلى ومن أسفل. وإذا كان هذا الزقاق يضم 30 مبنى، فإن المواطنين يلقون علينا الحجارة من الـ 30 مبنى، وإذا كان هذا المبنى مكونًا من 4 طوابق، فإنهم يلقون علينا الحجارة من الـ 4 طوابق. ويلقون علينا الزهريات والمكاوي والبراميل والمقاعد من أعلى”.
من المؤكد أن التصريحات المثيرة للذعر التي أطلقها قيادي قوات العدو القمعية لا تقتصر على حالة واحدة، بل إنها بمثابة غيض من فيض، وأن ما تمت الإشارة إليه أعلاه حول الهجوم الرائع ونضال قوى المقاومة، خلال يومي إحياء ذكرى شهداء انتفاضة عام 2019، بدءًا من نموذج التقرير عن بوكان وصولًا إلى الأحداث التي شهدتها المدن الأخرى في البلاد؛ يثبت مرة أخرى شرعية وضرورة الصمود ودفع الثمن، والهجوم بأقصى درجة، والإيمان بأنه “لا يفل الحديد إلا الحديد”، ويضع مرة أخرى ختم البطلان على الادعاءات والتنظيرات المتعلقة بالاستسلام. وها هم الشباب الثوار الذين يصرخون في كل مكان في الوطن: “يا مهسا، يا حديث، يا سياوش، لا يفل الحديد إلا الحديد”.