خامنئي وحلمه الوهمي في حل معضلة ولايت الفقيه المستعصية الحل
يمكننا من نواحٍ عديدة أن نعتبر خطاب خامنئي الأخير في عداد أكثر الخطب فضحًا لعمود خيمة ولاية الفقيه المهلهل، حيث تجسدت ذروة وقاحة خامنئي في حظر شراء اللقاحات المعتمدة عالميًا، مما يظهر بوضوح أنه لا يريد أن يفقد الفيروس الحليف لولاية الفقيه.
ولكن لم يكن هذا الأمر هو الموضوع البارز الوحيد في تصريحات خامنئي. ويبدو أن بال خامنئي أصبح أكثر ارتياحًا إلى حد ما بعد البت في نتيجة الانتخابات الأمريكية. لذلك، نسي فجأة في جزء آخر من تصريحاته حول العقوبات؛ تصريحاته السابقة حول “تحييد العقوبات” ورفع راية “رفع العقوبات”.
خامنئي والتناسي
لطالما كانت لدغة وتهكم زمرة خامنئي على جسد روحاني في الصراع والجدال بين العصابات قبل تصريحات الأول الأخيرة هي أن التفاوض لرفع العقوبات لا جدوى منه ويجب علينا أن نسعى إلى تحييد العقوبات.
فعلى سبيل المثال، كان من بين القضايا التي ضغط بها الحرسي قاليباف والمعمم الجلاد إبراهيم رئيسي على روحاني، في اجتماع زعماء نظام ولاية الفقيه، هي النية في تولية رئيس جمهورية مزيف في هذه المرحلة من تحييد العقوبات، بيد أن خامنئي شخصيًا اعتبر وبشكل مباشر أن رفع العقوبات مطلب منطقي لنظام الملالي، ووضع بحماسٍ شرطًا لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي.
هل تولي بايدن للسلطة يعني رفع جميع العقوبات؟
كان هذا السؤال هو القاسم المشترك بين تكهنات جميع السياسيين والجماهير. غير أنه عندما يتعلق الأمر بالمناقشة الجادة فلا الخبراء المحايدون والمنحازون ولا السياسيون الأمريكيون ولا حتى المسؤولين في نظام حكم الملالي في كلتا الزمرتين يعتقدون في أن تولي بايدن للسلطة يعني رفع جميع العقوبات.
والحقيقة هي أن العقوبات الحالية التي تم تطبيقها بموجب سياسة الضغط الأقصى في عهد ترامب سوف تكون نقطة ارتكاز لبايدن حتى على طاولة المفاوضات المباشرة أو غير المباشرة للمطالبة بالمزيد من التنازلات من نظام حكم الملالي. وهذا هو التوقع الذي نشر في وسائل إعلام نظام الملالي على لسان العناصر الحكومية في الزمرة المغلوبة على أمرها بقلق ورعب شديد.
فعلى سبيل المثال، كتبت صحيفة “آفتاب يزد في مقالها في 7 يناير 2021، على لسان دياكو حسيني الذي قدمته على أنه خبير بارز في القضايا الاستراتيجية: “على الرغم من أن الديمقراطيين عارضوا سحب ترامب أمريكا من الاتفاق النووي، بيد أن العديد منهم اعتبر سياسة الضغط الأقصى وفرض العقوبات على نظام الملالي ميراثًا يمكن لبايدن أن يستخدمه جيدًا. ويرون من وجهة نظرهم أنه من الممكن استخدام رفع العقوبات كأداة لكسب المزيد من التنازلات من نظام الملالي.
خامنئي بين الخوف والأمل في عودة بايدن المحتملة إلى الاتفاق النووي
تحتاج عودة بايدن إلى الاتفاق النووي إلى ضرورة المزيد من التمحيص الدقيق والتبصر، بيد أن الأحلام الوهمية للمتسترين على الأخطاء وتبريرها ممن هم داخل وخارج نظام الملالي؛ في العودة إلى عصر الاسترضاء، من الممكن أن تكون وبالًا على نظام ولاية الفقيه بدلًا من أن تكون إنجازًا له.
وفي إشارة صغيرة وعابرة، اعترف خامنئي بهذا القلق، قائلًا: “إذا رُفعت العقوبات، فهذا يعني أن أمريكا ستعود إلى الاتفاق النووي، وهلم جرا، بيد أنه ما لم ترفع العقوبات، فإن عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي من الممكن أن تكون وبالًا على البلاد”.
هذا صحيح، فالحقيقة هي أن خامنئي يدرك جيدًا أن الاتفاق النووي السابق بادئ ذي بدء لم يعد ممكنًا، فضلًا عن أن المشاركة في أي اتفاق نووي جديد تتطلب تقديم تنازلات جديدة في مجال الصواريخ والتدخلات الإقليمية، وهذا أمر يتجاوز سلطة الولي الفقيه وقد يسفر عن تفعيل المرحلة النهائية من الانهيار والإطاحة الكاملة بنظام حكم الملالي.