خامنئي وأزمة الانكماش والاحتكار المطلق لنظام الملالي
يفكر خامنئي منذ فترة طويلة في خطة توحيد السلطة وهمَّ للقيام بذلك. ومن البديهي أنه يمكنه تحقيق هدفه إذا استطاع اليوم استئصال العناصر المتباينة مع هيمنته وتولية هيكل أكثر موالاة له؟
يمكن إحصاء بعض الدوافع والعقبات التي يواجهها خامنئي لتوحيد السلطة فيما يلي:
1- انتهى عصر اللعب بورقة الاصلاحات المزيفة. فهذه البطاقة محترقة الآن ولا يمكن للدكتاتورية استخدامها للحفاظ على السلطة. فقد هتف الشعب الإيراني صارخًا بملء فيه بموت هذه الزمرة إلى الأبد، خلال انتفاضة يناير 2018. وعلى الرغم من أن منظمة مجاهدي خلق كانت الجهة الوحيدة التي تحذر من أن ” الأفعي لا تلد الحمام” إلا أن الرأي العام في المجتمع الإيراني أصبح يؤمن بهذه الحقيقة وباتت متجذرة في الوعي المجتمعي.
2- إن التاريخ أثبت أن الديكتاتوريين يتجهون في نهاية حياتهم إلى المزيد من الانكماش وعدم الثقة والتشاؤم تجاه مَن حولهم. حتى يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة لفترة قليلة أخرى من خلال الحفاظ على أكثر العناصر ولاءً وتجانسًا. وقد يكسبهم هذا الانكماش الوقت مؤقتًا، بيد أن ذلك سيقود إلى القضاء على نظامهم. ويشبه وضع هذه الأنظمة وضع المريض المضطر إلى بتر كلا ساقيه الممسكتان بالغنغرينا من الركبة للبقاء على قيد الحياة.
3- والجدير بالذكر كما أشرنا سابقًا أن انكماش نظام الملالي ليس نابعًا من موقف القوة ومن أجل توطيد الاستبداد الديني، وإنما نابع من موقف الشعور بالخطر والاندفاع إلى الحيلولة دون الإطاحة به. وهذا نوع من التراجع وتجميع مملكة السيادة في هيكل السلطة. ومثل هذا الانكماش في حد ذاته سيكون مصدرًا للخوف والانهيار بين صفوف القوات القمعية الحامية للسلطة، بدلًا من أن يكون مصدرًا للتخويف.
4- يتفهم خامنئي ضرورة انكماش نظامه ودعا إلى ذلك مرارًا وتكرارًا، إلا أنه لكي يتخذ الخطوة الأخيرة وينتزع مقعد رئاسة الجمهورية؛ يواجه عقبة كبيرة، ألا وهي انتفاضة الشعب الإيراني. والجدير بالذكر أن أي نوع من المخاطرة والتهور وعدم التأني والهرولة من شأنه أن يفعّل أخطاء نظام حكمه ويطغى على عواقب الصراع على السلطة في وسط المجتمع، وتصدر العنصر الاجتماعي للمشهد.
يحتاج خامنئي إلى الانكماش وتوحيد نظامه للحفاظ عليه، بيد أن هذا التلاعب ليس طريقًا مفروشًا بالورود ولا ينطوي على تحديات بالنسبة له. ولن يتنازل شركاؤه السابقون واللاحقون بسهولة عن المشاركة في السلطة والثروة. وهذا هو المأزق الذي سيواجهه خامنئي أثناء الانتفاضة والإطاحة.
وأطلقت صحيفة حكومية على هذا المأزق اسم “نهاية السياسة”.
“ومهما كان هذا الإجراء ، فإنه ينطوي على عواقب خطيرة للغاية. إذ أن نقل هذه الرسالة إلى المجتمع يشير قبل كل شيء إلى نهاية السياسة. وفي الحقيقة ، يحاول التيار الفاشستي والمتطرفون الذين يدعمونهم وضع حد لقضية السياسة في المجتمع الإيراني “(صحيفة “ابتكار” ، 18 فبراير 2021).
ولا شك في أن الإنكماش في نظام الملالي يعتبر رصاصة الرحمة لنظام الملالي الاستبدادي وجميع الزمر المكونة له.