انتفاضة اصفهان تعيد الملالي الى مفترق الطرق
عاد نظام الولي الفقيه في ايران الى مفترق الطرق بقمعه انتفاضة المياه في اصفهان، ليكشف مرة اخرى عن الهشاشة التي وصل اليها، في الوقت الذي يظهر الايرانيون اصرارهم على مراكمة روح اقتحامية تزيد من مخاوفه.
في الاحداث التي جرت الجمعة على مجرى نهر زاينده رود ما يكرس القناعة برؤيتنا لعمق الازمة التي يواجهها نظام الملالي في علاقته مع الايرانيين وانعدام خياراته وعجزه عن ايجاد الاليات اللازمة لتجاوز مآزقعه المتعددة والمتشعبة.
كانت مهاجمة عناصر الولي الفقيه لاعتصام المزارعين على مجرى النهر الجاف حدثا بين الاحداث الدامغة للحياة السياسية التي تتجه بشكل متسارع نحو مزيد من التأزيم الذي يقود الى الانفجار.
اقل ما يمكن ان يقال عن الهجوم الاجرامي الذي نفذته مجموعة من البلطجيين العاملين مع اجهزة النظام انه واحد من الهجمات الاجرامية التي اعتاد عليها الايرانيون في مثل هذه الظروف.
دعمت الوحدة الخاصة وعناصر الامن التي ترتدي الزي الرسمي بلاطجة النظام الذين هاجموا المعتصمين، ضربوهم بوحشية، اشعلوا النار في خيامهم، وادخلوا الاليات الى الموقع لازالة اثار الاعتصام، ليعود الى الاذهان سجل ممارسات النظام منذ توليه الحكم، ويتضح اكثر من اي وقت مضى انحشاره في زاوية حادة.
اصرار المعتصمين وتحديهم كان حاضرا في المشهد ايضا، لم يستغرق الامر أكثر من ساعة أو ساعتين، جاءت حشود اهالي أصفهان لمساعدة المزارعين، النساء والرجال، الفتيات والشبان لخوض معركة جريئة مع عناصر القوات الخاصة، امتدت إلى الشوارع المحيطة بزاينده رود.
بهذه الطريقة، استعاد شباب الانتفاضة مجرى النهر من أيدي عناصر القمع، وأذاقوا الولي الفقيه وعناصره القمعيين المجهزين بالعصي الكهربائية وقاذفات الرصاص الكروي طعم الهزيمة، لتبقى انتفاضة نوفمبر2019 ماثلة امام اعين الايرانيين.
احداث الجمعة لم تكن خارج سياق التوقعات، تحدثنا في افتتاحية 25 نوفمبر عن تناقض خامنئي القاتل مع انتفاضة أهالي أصفهان، قلنا ان اكاذيبه وحيله الفاشلة لا تجدي نفعا، وان نواياه باتت مكشوفة للشعب مما يعني اخذ الانتفاضة لمسارها.
اشرنا لامتداد انتفاضة أصفهان إلى جهار محال وبختياري ثم إلى المحافظات والمناطق الأخرى في البلاد، عبرنا عن قناعتنا بان اشهار سيف النظام ولجوئه للقمع سيصب الزيت على النار ويمهد الطريق لردود فعل اكثر راديكالية، واثبتت الايام الماضية صحة ما ذهبنا اليه.
خاف خامنئي في البداية من تعميق مجريات الاحداث، غض النظر عن الاحتجاجات لأكثر من أسبوعين، حاول وقف الانتفاضة بوعود وحيل عبثية، لكن حيله وصلت الى طريق مسدود، ولم يكن ارسال البلاطجة بالملابس المدنية الا واحدة من الحيل التي اثبت المواطنون قدرتهم على افشالها واجبار ادوات تنفيذها على الفرار.
ظهر في اليوم التالي أكثر وضوحا بمهاجمته خيام الاعتصام بقوى قمعية هائلة لكن النتيجة كانت هزيمة مشينة للديكتاتور وخطوة كبيرة نحو تجذير الانتفاضة.
وقف الشعب في وجه القوات القمعية واشتبك معها وانتصر على العدو وهو يهتف “الموت للديكتاتور” و”الموت لخامنئي” موصلا الرسالة التي يخشاها نظام الملالي حيث عبر طباطبائي نجاد ممثل خامنئي في أصفهان خلال خطبة الجمعة عن خوف النظام من حضور مجاهدي خلق في المشهد.
انتقلت انتفاضة اهالي أصفهان الجمعة الى مرحلة مهمة من التجذر والديناميكية لتعزز الاعتقاد بسير النظام على منحدر لا رجعة فيه، لا يعني ذلك رفع يد خامنئي، لكنه يركد اصرار الشعب على مواصلة مسيرته.
سيواصل النظام مؤامراته وقمعه لكنه سيظل عاجزا عن انهاء انتفاضة الماء والحرية، القادرة على الانتقال من مدينة إلى أخرى، لأن المواطنين في جميع أنحاء إيران، مثل المواطنين في أصفهان أدركوا ضرورة “إشعال النار من أجل الحصول على الماء والحرية” التي اكد عليها مسعود رجوي 26 نوفمبر .