الانتفاضة الشاملة والحملة العالمية
وصلت الانتفاضة إلى ذروة جديدة، في 21 سبتمبر 2022، حيث أحبطت حدة الصراعات القوات القمعية تمامًا، وأجبرتها على الانسحاب في العديد من مناطق الاشتباك.
وقالت قوات نظام الملالي العاجزة المرعوبة صراحةً، في أعقاب الانتفاضات النارية التي اندلعت في يومي 19 و 20 سبتمبر 2022، معترفةً بقوة وبطش “الأعداء والمعارضين الذين يتربصون بهم في الكمين” إن الشعب وطليعة المتمردين استهدفوا أمن نظام الملالي وكيانه. كما أن اختناق خامنئي وإعراضه عن الحديث عن الانتفاضة التي عمت البلاد؛ في خطابه في 21 سبتبمر 2022، لدليل دامغ قبل كل شيء على رعبه من استمرار الانتفاضة التي تمر بيومها الـ 6 على التوالي.
في غضون ذلك، كان الجلاد الرئيسي قد ذهب إلى نيويورك وألقى كلمة في الجمعية العامة. بيد أن أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، والإيرانيون الأحرار حطَّموا حلم هذا الجلاد في تحقيق أي إنجاز سياسي، خلال يومين من وجوده في نيويورك، بتنظيم حملة واسعة النطاق ضده، حيث اندلعت المظاهرات المتواصلة أمام الفندق حيث يقيم رئيسي مرددين هتافات “رئيسي قاتل وعدو لإيران”، وكانت الشاحنات التي تجوب المدينة حاملةً على متنها شاشات تلفزيونية ضخمة تبث منها صورًا لجرائم رئيسي. وتم إقامة معرض كبير في المنطقة لصور الشهداء الأمجاد الشامخين الذين نالوا شرف الشهادة في مجزرة عام 1988، على يد الجلاد الدموي رئيسي وغيره من الجلادين. وحطمت المظاهرة الكبرى التي نظمها أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية هذه الرحلة على رأس جلاد عام 1988، أثناء إلقاء كلمته في الجمعية العامة.
كما أن قتل مهسا الجائر غير المشروع ضيَّق الخناق بشدة على عنق جلاد 1988. وتعرَّض رئيسي الذي كان يقول إنه ذاهب إلى نيويورك لتحقيق بعض المصالح لنظام الملالي؛ لاستجوابات وإدانات متتالية على هذه الجريمة من قِبل وسائل الإعلام والأحزاب السياسية.
وواجه جلاد 1988 في نيويورك أقوى زئير احتجاجي من قِبل الإيرانيين الأحرار، وجميع المحتجين على الإبادة الجماعية، وغيرها من جرائم الملالي القمعية والإرهابية. ووجد في حديثه في الجمعية العامة أن الحل الوحيد يكمن في المغالطة وقلب الحقائق والذهاب إلى ما هو أبعد من الوقاحة إلى جانب الإطفاق عن جهل وبلا مقدمات على تأنيب ومضايقة مجاهدي خلق والمحتجين في جميع أنحاء العالم على مقتل مهسا أميني. بيد أن هذه الوقاحة أدت إلى ازدياد الاشمئزاز العام والمزيد من عزلة نظام الجلادين.
وفي الوقت نفسه، أدى اشتعال انتفاضة الشعب الإيراني في جميع أنحاء البلاد إلى تضييق الفرصة على رئيسي أكثر فأكثر. وكما قال المعمم روحاني، رئيس جمهورية نظام الملالي آنذاك مشيرًا إلى انتفاضة يناير 2018: ” لقد ظهر شيطان نظام الملال مرة أخرى” و ” تم التخطيط لأعمال الشغب في الشوارع من قبل عدد قليل من الناس ” وهذا الأمر خدع السيد ترامب ودفعه إلى الانسحاب من الاتفاق النووي” (أغسطس 2019). هذا وجعلت الانتفاضة الحالية المجال أمام أصحاب سياسة الاسترضاء مع نظام الملالي أكثر ضيقًا. كما قال جو بايدن في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: ” نقف اليوم إلى جانب الشعب الإيراني والإيرانيات الشجاعات في احتجاجاتهم الآن للمطالبة بحقوقهم الأساسية.
وبهذه الطريقة يتعرَّض نظام الملالي العاجز لضربة قاسية من جبهتين في آن واحد. إحداهما هي جبهة الانتفاضة التي أنشأت وحدات المقاومة في كل ركن من أركان إيران، وتسبَّبت مرة أخرى في إحداث هزة قوية للإطاحة هزت أركان نظام الملالي بأكملة، والأخرى هي الجبهة السياسية المتمثلة في الحملة الكبرى التي نظمتها المقاومة الإيرانية في نيويورك.
والجدير بالذكر أن هاتين الجبهتين المنسقتان والمرتبطتان ببعضهما البعض، واللتان أوصلتهما المقاومة الإيرانية إلى الذروة بحضورها المحلي والدولي الشامل والواسع النطاق، يعتبران من الأدلة الدامعة على أن نظام الملالي يعيش في مرحلته الأخيرة المصيرية، وأنه يقترب باستمرار خطوة بخطوة من منحدر الإطاحة، نتيجة لتلقيه ضربات ساحقة من كل اتجاه.