إيران .. شركة توسكا جزء من ثروة خامنئي وشركائه فی الإذاعة والتلفزيون
عندما قال أحد الحاضرين في اجتماع مركز التخطيط لمكافحة وباء كورونا المنعقد في 29 مارس 2020 لرئيس هيئة الإذاعة والتلفزة التابع للملالي أنه من الأفضل أن يخصص التلفزيون الحكومي بعض البرامج الدعائية مجانًا لتشجيع المواطنين المضطرين إلى البقاء في منازلهم أثناء فترة تفشي وباء كورونا؛ على الشراء عبر الإنترنت كخطوة لحل مشاكلهم.
صرخ رئيس هيئة الإذاعة والتلفزة قائلًا: إن الإعلان من خلال أي وسيلة إعلامية وطنية من اختصاص شركة تسمى “توسكا”، وفي حالة بث أي إعلان تجاري أو دعائي بدون الحصول على تصريح من هذه الشركة يتم فرض غرامة على هيئة الإذاعة والتلفزة، أو على الأقل يتم مقاضاتها، ويفترض على الأرجح أن يُفرض عليها غرامة مالية.
من الذي يملك شركة “توسكا” ؟
وما مقدار الدخل من بث الإعلان التجاري والبرقيات التجارية، حتى يتحدث رئيس هيئة الإذاعة والتلفزة بهذه الطريقة عن سلطة صاحب شركة “توسكا”؟
وما مقدار عائد هيئة الإذاعة والتلفزة من الإعلانات؟
لمعرفة الإجابة على هذا السؤال، يكفي أن تطلعوا على بعض عائدات هيئة الإذاعة والتلفزة التابعة لنظام الملالي من الإعلانات المنشورة على المواقع الحكومية:
- وكالة “إيرنا” الحكومية للأنباء، 6 أكتوبر 2019: “قال أحد مذيعي هيئة الإذاعة والتلفزة : على سبيل المثال نجد أنهم في القناة الثالثة، يدفعون للنجم السينمائي أجرًا قدره 45 مليون تومان لقاء كل برنامج مدته ساعة واحدة. ومنذ تواجده يدفعون له عدة أضعاف.
- صحيفة “دنياي اقتصاد”، 18 مارس 2020: “عادةً ما تبث القناة الثالثة كل أسبوع مباريات ناديي استقلال وبرسبوليس على الهواء، ويبلغ الدخل الإجمالي لاتحاد الكرة من الإعلانات المذاعة أثناء المبارات فقط حوالي 33 مليار تومان.
- موقع “خبر آنلاين”، 3 يوليو 2015: “تم بث 17 إعلان هامشي في الشوط الأول من المباراة الثانية لكرة الطائرة بين إيران وأمريكا، وتبلغ قيمة فاتورة الحساب 550 مليون تومان.
- موقع “خبر آنلاين”، 19 مايو 2019: ” يتراوح سعر البث للثانية الواحدة من الإعلان قبل عرض مسلسل ” برادر جان” (أخي الحبيب) وأثناء العرض، ما بين 5 مليون و 296 ألف تومان إلى 6 ملايين و 163 ألف تومان . وتتم الدعاية من وراء هذا المسلسل لمدة 1020 ثانية كل ليلة. إذًا، تجني هيئة الإذاعة والتلفزة كل ليلة 5 مليارات و 844 مليون و 90 ألف تومان من الإعلانات المتعلقة بالمسلسل المذكور. وخلال حلقات هذا المسلسل وعددها 30 حلقة التي تبثها القناة الثالثة في شهر رمضان يبلغ دخل هيئة الإذاعة والتلفزة 175 مليار و 322 مليون و 700 ألف تومان”.
- كوندونيوز، 13 يوليو 2019: “الإعلان عن نوع واحد من اللبن الزبادي يعود بعائد كبير لهذه الهيئة، فالعائد من وراء الإعلان لمدة ساعة واحدة و 48 دقيقة يبلغ 62 مليار تومان. ويبث التلفزيون 115 دقيقة يوميًا للدعاية لإحدى شركات صناعة اللبن الزبادي فقط في 5 قنوات، أي أن هذه الإعلانات تستغرق وقتًا أكثر من مباراة في كرة القدم وحتى أكثر من الفيلم السينمائي. وبموجب حساب الحصول على 9 مليون لكل ثانية، يصبح الدخل الإجمالي 62 مليار و 100 مليون تومان. وبضرب هذا الرقم في 31 يومًا يكون إجمالي العائد خلال شهر واحد مذهلًا، إذ يصل إلى 1،863،000،000 تومان.
- موقع “راهبرد معاصر” الإخباري التحليلي، 18 مايو 2019: “يبلغ عائد هيئة الإذاعة والتلفزة من الإعلانات 2000 مليار تومان”.
- موقع “سلام نو”: ” بموجب أسعار الإعلانات في هيئة الإذاعة والتلفزة يبلغ الربح بدون تكلفة من إذاعة أكثر من 10 أجزاء من مسلسل واحد أكثر من 200 مليار تومان، وهو رقم فلكي”.
- قاعدة بيانات الأخبار التحليلية للسينما: “إذا تم حساب متوسط زمن بث الإعلان في يوم يخلو من الكوارث سيكون 60 دقيقة، أي حوالي 60 دقيقة أو 3600 ثانية تتعلق بالبرامج اليومية للقناة الثالثة، وحتى لو وضعنا في الاعتبار أن عائد الثانية الواحدة يصل إلى مليون تومان، فإننا نتحدث عن رقم يتجاوز 3 مليار تومان. وهذا الأمر يخص قناة واحدة فقط، فما بالكم بالقنوات الأخرى؟
موقع ” تابناك” الحكومي، 16 أغسطس 2011، أي كُتب منذ 9 سنوات أن عدد قنوات هيئة الإذاعة والتلفزة وصل إلى 100 قناة. ولا شك في أن هذا العدد قد ازداد كثيرًا في الوقت الراهن.
وبنظرة عابرة على هذه الأعداد والأرقام يمكننا أن ندرك حجم العائد الفلكي الذي تجنيه إعلانات الإذاعة والتلفزة لصاحبها.
من هو حقًا صاحب هيئة الإذاعة والتلفزة؟ هل هو شخص غير الولي الفقيه؟
من هو صاحب شركة ” توسكا” الاحتكارية؟
الجواب يكمن لدى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الحكومية ومواقع البحث، وما علينا إلا أن نطلع عليها بقليل من الدقة حتى نفهم ما وراء الكواليس.
وحول شركة “توسكا” كتب موقع حكومي يسمى “سايت آى تشيزها” :
” تتعهد شركة “توسكا” بتوفير تكاليف 79 برنامج تلفزيوني، وهذه البرامج التي لديها العديد من المعجبين هي : خندوانه وبرنده باش وکودک شو وفرمول یک ونود وحالا خورشید وبه خانه برمی گردیم وعصر جدید وجام جهانی وماه عسل وفوتبالهای داخلی و خارجی، وغيرها من البرامج.
وكتب موقع حكومي آخر يسمى “سايت بيوست في 13 مارس 2019:
“إن شركة توسكا لتنمية المشاريع التجارية مسجلة رسميًا في 8 أكتوبر 2017 بأن منتجها الأكثر شهرة هو تطبيق روبيكا.
وبمقتضى تسجيل هذه الشركة، فإن مساهميها الشركات التالية:
- الشركة الإيرانية للاتصالات المتنقلة (الشريك الأول)
- شركة نور دنا للاستثمار (مملوكة للشريك الأول)
- شركة تصميم الشكل الأول للجودة (مملوكة للشريك الأول)
وبناءً عليه، فإن حصة شركة توسكا لتنمية المشاريع التجارية مملوكة للشريك الأول بنسبة 100 في المائة.
وفي شهر يناير 2016 تم نشر إعلان عن بيع إعلانات هيئة الإذاعة والتلفزة في المزاد في صحيفة “جام جم”، وفي النهاية، فازت شركة توسكا بالمزاد.
هذا ولم يتم الكشف عن تفاصيل العقد المبرم بين هيئة الإذاعة والتلفزة وشركة توسكا، ولكن يقال إنه يتعين على شركة توسكا أن تودع مبلغًا قدره 1200 مليار تومان خلال فترة مدتها 3 سنوات تقريبًا في حساب هيئة الإذاعة والتلفزة كجزء أساسي من التزاماتها. وفي حالة تجاوز دخل هذه الشركة من الإعلانات الحد المنصوص عليه، يتم تقسيم المبلغ الزائد بطريقة أو بأخرى.
وخطى موقع آخر، يسمى ” بايكاه خبري جدول ياب” خطوات حثيثة في الكشف عن أصحاب شركة توسكا لدرجة أنه ذهب إلى أن المواقع السابقة تقدمت وتوصلت إلى أن شركة توسكا لتنمية المشاريع التجارية مملوكة للشريك الأول، وهو أكبر شركة للاتصالات المحلية. وهي الشركة التي تضم جميع المساهمين في شركة توسكا.
وقال إن مالك شركة توسكا هو نفس الشريك الأول.
من هو الشريك الأول؟
لخص موقع “خبر آنلاين” الحكومي الإجابة على هذا السؤال في 29 مارس 2020 وصاغها على هيئة سؤال آخر، على النحو التالي:
هل المقر التنفيذي لمرسوم الإمام خميني يمتلك تطبيق روبيكا وشركة توسكا؟
وكتب هذا الموقع في ختام مقاله نقلًا عن وكالة “إيرنا” الرسمية للأنباء:
أعلن المقر التنفيذي لمرسوم الإمام خميني بعد نشر بعض الأخبار المتعلقة بدوره في إدارة وملكية الشركة الايرانية لتنمية المشارع التجارية “توسكا” وتطبيق روبيكا : ” أن هذا المقر ليس له أي دور من قريب أو من بعيد في ملكية أو إدارة هذه الشركة وتطبيق روبيكا، وأن هذا الخبر لا أساس له من الصحة”.
لكن الموقع نفسه أضاف نقطة في هذا التقرير تظهر مدى تأثير المقر التنفيذي لمرسوم الإمام الدجال في اتخاذ قرارات هذه الشركة الكبيرة صاحبة النفوذ. وفي هذا الصدد، كتب موقع “خبر آنلاين” :
أعلن المقر التنفيذي لمرسوم الإمام خميني في خريف عام 2019 عن طريق ممثله في مجلس إدارة الشريك الأول معارضته لأي نوع من الاحتكار في مجال الدعاية والإعلان للخدمات والمشاريع التجارية الرقمية، وطالب هذه الشركة بإتاحة الفرصة للترويج لمشاريع تجارية رقمية أخرى أثناء جذب كبار المساهمين في الشركة.
وانطلاقًا من هذا الكذب يتضح ما يلي:
أولًا: لا يزال المقر التنفيذي لمرسوم خميني الدجال عضوًا في مجلس إدارة الشريك الأول.
ثانيًا: لا يزال المقر التنفيذي لمرسوم خميني الدجال صاحب الكلمة العليا في هذه الشركة الكبيرة.
كتب موقع حكومي آخر يسمى “انصاف نيوز” في 18 مارس 2019 في الكشف عن أعضاء مجلس إدارة الشريك الأول أن هذا المجلس يتكون من 5 أعضاء، اثنان منهم من الحكومة. كما أن المقر التنفيذي لمرسوم خميني لديه عضو واحد في مجلس الإدارة المذكور، حسبما ذكرت وكالة “إيرنا” للأنباء.
وفي الواقع نجد الحرسي مهرداد بذرباش، أحد المديرين المتعددي الوظائف في نظام الملالي – حيث شغل مناصب عديدة، من بينها المدير التنفيذي لمجموعة تنمية الصناعة والتعدين،
وهي من الشركات الفرعية لشركة توسكا، ورئيس مستشاري الشباب لأحمدي نجاد، والمدير التنفيذي لشركة بارس للسيارات ثم مديرًا تنفيذيًا لشركة سايبا، وعضو مجلس إدارة مجلس شورى الملالي التاسع، وعضو مجلس إدارة شركة مبين الإيرانية لتطوير الإلكترونيات،
ومساهم في استقطاب عدد من المراسلين المحليين، ثم أصبح صاحب الامتياز لصحيفة “وطن امروز” – العميل السري للشريك الأول من طرف قوات حرس نظام الملالي.
وفي أعقاب الكشف عن فضائح قوات حرس نظام الملالي بشأن ملكيتها غير الشرعية لعدد كبير من المؤسسات الإنتاجية والاقتصادية في البلاد عام 2019، تبرعت بأسهمها في شركة الشريك الأول لتبرئة نفسها.
ولكن اتضح فيما بعد أن هذا التبرع كان عبارة عن خطوة شكلية وأنه اتحاد بين مقر خاتم التابع لقوات حرس نظام الملالي وعملائه السريين، من أمثال الحرسي مهرداد بذرباش وآخرين من الباسيج الملتفين حوله.
- مقر خاتم الأنبياء.. مؤسسة الفساد وقوة نظام الملالي في نهب ثروات البلاد
- اعتراف وسائل الإعلام في نظام الملالي بالفساد في القطاعات الاقتصادية الرئيسية
الاستنتاج
نستنتج مما سبق أن خامنئي يربح المليارات من التومانات كل ثانية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر جراء بث الرسائل التجارية والدعاية الإعلانية فقط عن طريق الإذاعة والتلفزة في البلاد.
ومما لاشك فيه أنه يتم تحويل جزء من هذه الأموال في مجلس إدارة الشركات الذي يقوم بدور الوصي على هذه المؤسسة إلى مساهميه الآخرين، أي قوات حرس نظام الملالي وكياناتها السرية وتحويل جزء للحكومة أيضًا، حتى يتمكنوا جميعًا من سرقة ممتلكات الشعب الإيراني.
وبناءً على كل ما تقدم، هل هناك حقًا حل آخر سوى الانتفاضة والثورة والإطاحة بهؤلاء اللصوص برمتهم؟