إبراهيم رئيسي؛ “حلاوة السنة” أو سمّ خطير
وصف خامنئي تنصيب إبراهيم رئيسي إحدى “الحلويات” للعام الإيراني الماضي (1400) الذي تسبب في جعل أركان النظام من لون واحد. طبعا ثمن هذه العملية كان عملية جراحية دموية بإقصاء العصابة المنافسة. لكن كان على الولي الفقيه أن يقوم بهذه العملية الصعبة، حتى أنه بإحضار سفاح مجزرة 1988 وتجميع أركان النظام لسد كل الثغرات الداخلية، يزيد قوته وقدرته على القمع ويبني حاجزًا ضد الانتفاضات.
لكن مضى الآن عام على وصول رئيسي، وليس فقط الثغرات السابقة التي تم إغلاقها ظاهريا قد تفتحت وأعضاؤها يهاجمون رئيسي وخامنئي نفسه بأقوالهم “لقد كنتم على استعداد لأن تسقط البلاد في الفقر والبؤس، لكن المنافس لم يفز”. (بزشكيان، عضو مجلس شورى النظام، 14 آب). بل ظهرت تصدعات وشقوق عميقة في جدار حكم خامنئي الموحد. لدرجة أن أقرب أعضاء الولي الفقيه يعترفون أيضًا بأنه “تحت خط الفقر”.
الفجوة إلى درجة أنه حتى البرلمان الموحد عناصره من تيار خامنئي أصبح الآن منصة لمهاجمة رئيسي. عندما حذر خامنئي شخصيًا من أن “كل من يجعل الناس متشككين ومتشائمين بشأن أنشطة مسؤولي الدولة يعمل لصالح العدو” (حزيران)، لا أحد يستمع كلامه بل يدلون في كل جلسة “بخطب نارية” ضد رئيسي “. ويحقنون روح الياس والإحباط في وريد النظام و “المواجهة والصراع مع الحكومة بدأت” (جلالي، الجلسة العلنية للمجلس، 14 آب).
في نفس الجلسة، صاح أحدهم أن “الظروف المعيشية للشعب” حرجة “، وأن الغلاء طغى على جميع السلع والأدوية الأساسية ” فيما “الناطق باسم الحكومة الذي لا يستطيع الإجابة يرمي الكرة في ملعب مجلس الشورى “(صديف بدري). وحذر آخر، خائفًا من غضب الناس، ويقول إن “حالة ارتفاع الأسعار والتضخم” متفشية و “الناس منزعجون جدًا” (فروزان) ؛ ويقول الآخر أن “الأسعار جامحة للغاية” بحيث لا يمكن فهمها (بيكلري) ؛ ويصف آخر حكومة رئيسي بأنها “متعبة وغير دافعة ومعادية ومعرقلة” ويلقي باللوم على رئيسي “بسبب عدم التخطيط” (قادري). يسخر آخر من وعد رئيسي ببناء مليون وحدة سكنية في العام، قائلاً: “لقد دخلنا الشهر السادس من العام … لم تبدأ أعمال البناء بعد” (خنكداري) ؛ أما الآخر، الذي أصابه الرعب من عواقب الكراهية الاجتماعية، فيصرخ أن “الوضع (في النظام) اليوم حرج” وأن حكومة رئيسي “تغذي هذه الأزمات” ؛ وهو يحذر رئيس الحكومة قائلاً: “قلنا لكم أن تتخذوا إجراءات للحفاظ على النظام” و “هذا هو التحذير الأخير، وفي المرة القادمة سأأتي إلى هنا مع وثائق” من فظائع الحكومة، لأنه لا أحد في هذه الحكومة مسؤول عن هذا الوضع الحرج !، بينما العدو مستعد وجاهز”لإسقاط النظام الموحد” (محمودوند).
ووصل الأمر إلى حيث يهاجمون المخبر، نائب الرئيس المعين خصيصًا من قبل خامنئي، قائلاً إن “إقامته حتى لمدة ساعة هي خسارة” ويكشفون عن السرقات التي قام بها النائب الأول لرئيسي، الذي “ينفقها لصالح أيامه المستقبليه “ويطالبون باستقالته (كريمي قدوسي – 13 آب).
لكن ماذا حدث أن حرب الذئاب الشرسة، الآن في ظل حكم خامنئي الموحد، قد تصاعدت على هذا النحو؟
سببه يعود إلى فشل ستراتيجية خامنئي من تنصيب رئيسي. لأن رئيسي لم يفشل في وقف غضب الشعب فحسب، بل اتجهت الاحتجاجات والانتفاضات والحراكات إلى الاتجاه التصاعدي وانتشر شعار “الموت لرئيسي”. من ناحية أخرى، في جميع المجالات الاقتصادية والعلاقات الدولية (خاصة خطة العمل المشتركة الشاملة) والاجتماعية، تعمق مأزق النظام، وحتى من داخل النظام، يقولون بسخرية لخامنئي ورئيسي: “الآن بعد أن وحدت الحكومة، لماذا لا يمكنك تنفيذ حلولك الجيدة؟ ” (بزشكيان – 14 آب). نتيجة هذا الفشل الاستراتيجي لخامنئي هو احتمال حدوث انتفاضات أكثر وأكثر خطورة. وأما ظهوره في داخل السلطة يتجلى في تفاقم صراع الذئاب.
هكذا أصبحت “حلاوة العام” لخامنئي سمًا مميتًا وخطيرًا بالنسبة له.